الكاتبة القطرية وداد عبد اللطيف الكواري : أعتذر لليمن
--------------------------------------------------------------------------------
الكاتبة القطرية وداد عبد اللطيف الكواري : أعتذر لليمن
هذا مقال للكاتبه القطريه // وداد الكواري ..
نُشر في مجلة زهرة الخليج ..
اعتاد الزميل والصديق الشاعر أحمد الشهاوي على الكتابة عن اليمن، في المطبوعة التي يعمل فيها، مرة كل بضعة أشهر تقريباً. وحين اتهمته بالمبالغة طفق يحكي لي عن مشاهداته وعن المدن التي زارها وانبهر بها. حدثني عن سوقطرى وعدن وصنعاء وحضرموت، وكنت أردد "يا أخي إنك تصور البلد على أنها سويسرا. نعم لديها حضارة اندثرت، نعم كانت هناك بلقيس وسد مأرب وأول ناطحات سحاب، وأول ملكة في الإسلام. لكن كل ما لديها أو ما تتحلى به كان، أي ماضٍ". وكان يقول ويكتب ولم أكن أسمع أو أقرأ، كنت ممن يقصدهم أبونواس حين قال: قل لمن يدعي في العلم معرفة حفظت أشياء وغابت عنك أشياء. عرفت هذا حين خابرتني المستشارة الثقافية ووجهت لي دعوة لحضور أول مؤتمر للدراما. ولدهشتي وجدتني أوافق.
وكانت موافقتي السريعة مثار دهشة واستغراب لمن يعرفني. لقد رفضت مئات الدعوات على مدى أعوام لمختلف بقاع العالم، لا عن استخفاف، وإنما لأنني أمقت الدعوات الرسمية والخطب المكتوبة والجلوس لساعات لسماع كلام إنشائي ممل. ولدهشتي بدأت أعد الأيام وأنتظر موعد السفر بشغف، وكأنني سأسافر لأول مرة في حياتي. في صنعاء كان الاستقبال رائعاً، وضعت أمتعتي وخرجت مع مرافقتي لرؤية أقدم المدن المأهولة في العالم. شعرت وأنا أتجول في السوق القديمة ومن حولي البيوت التي لم أجد لها طرازاً في أي مكان في العالم وتشبه العمارات متوسطة الحجم وتضم كل عمارة عائلة واحدة، بأنني انفصلت عن الواقع، رائحة التاريخ تحاصرك وتتلبسك، تدهشك وتبهرك، السوق التي تحيطها الأسوار كبيرة وتعج بالبشر والحياة فيها، تباع الفضة والبهارات والملابس وكل شيء، مشيت لساعات ولم أشعر بالوقت، الصغار يحيطون بي ويتحدثون بلغات كثيرة، اكتسبوها من السياح.
مرت الأيام الخمسة كلمحة بصر، زرت عدن، ولم أتمكن من زيارة حضرموت ولا شبام، حيث العمارات الشامخة فوق الجبال والتي تشهد على أقوى الحضارات وأروعها. ولم أزر جزيرة سوقطرى التي تضم أجمل وأندر الزهور والطيور والأشجار، وعندما زرت الجزء المخصص لليمن في معرض برلين السياحي، كانت الرقصات اليمنية المميزة تستقطب الحضور وتشد الانتباه. بينما كانت الكتيبات التي توزع على الموجودين لا تشجع على السياحة في بلد يضم أكبر كمية من الآثار. تمنيت لو كانت هناك شاشة كبيرة تعرض مناظر طبيعية لبلد لديه كل مقومات السياحة، وتمنيت لو أنني أملك مطبوعة خاصة بي لأكتب أكثر عن البلد الذي بهرت بجماله وناسه وطعامه. أطلقو عليها اليمن السعيد لكثرة أمطارها، أما أنا فأعتقد أن سبب التسمية يعود إلى أن من يزورها يشعر بالسعادة.
إنتهى
المصدر
http://www.emi.co.ae/browse.asp?path...nnel=2&id=9364
--------------------------------------------------------------------------------
الكاتبة القطرية وداد عبد اللطيف الكواري : أعتذر لليمن
هذا مقال للكاتبه القطريه // وداد الكواري ..
نُشر في مجلة زهرة الخليج ..
اعتاد الزميل والصديق الشاعر أحمد الشهاوي على الكتابة عن اليمن، في المطبوعة التي يعمل فيها، مرة كل بضعة أشهر تقريباً. وحين اتهمته بالمبالغة طفق يحكي لي عن مشاهداته وعن المدن التي زارها وانبهر بها. حدثني عن سوقطرى وعدن وصنعاء وحضرموت، وكنت أردد "يا أخي إنك تصور البلد على أنها سويسرا. نعم لديها حضارة اندثرت، نعم كانت هناك بلقيس وسد مأرب وأول ناطحات سحاب، وأول ملكة في الإسلام. لكن كل ما لديها أو ما تتحلى به كان، أي ماضٍ". وكان يقول ويكتب ولم أكن أسمع أو أقرأ، كنت ممن يقصدهم أبونواس حين قال: قل لمن يدعي في العلم معرفة حفظت أشياء وغابت عنك أشياء. عرفت هذا حين خابرتني المستشارة الثقافية ووجهت لي دعوة لحضور أول مؤتمر للدراما. ولدهشتي وجدتني أوافق.
وكانت موافقتي السريعة مثار دهشة واستغراب لمن يعرفني. لقد رفضت مئات الدعوات على مدى أعوام لمختلف بقاع العالم، لا عن استخفاف، وإنما لأنني أمقت الدعوات الرسمية والخطب المكتوبة والجلوس لساعات لسماع كلام إنشائي ممل. ولدهشتي بدأت أعد الأيام وأنتظر موعد السفر بشغف، وكأنني سأسافر لأول مرة في حياتي. في صنعاء كان الاستقبال رائعاً، وضعت أمتعتي وخرجت مع مرافقتي لرؤية أقدم المدن المأهولة في العالم. شعرت وأنا أتجول في السوق القديمة ومن حولي البيوت التي لم أجد لها طرازاً في أي مكان في العالم وتشبه العمارات متوسطة الحجم وتضم كل عمارة عائلة واحدة، بأنني انفصلت عن الواقع، رائحة التاريخ تحاصرك وتتلبسك، تدهشك وتبهرك، السوق التي تحيطها الأسوار كبيرة وتعج بالبشر والحياة فيها، تباع الفضة والبهارات والملابس وكل شيء، مشيت لساعات ولم أشعر بالوقت، الصغار يحيطون بي ويتحدثون بلغات كثيرة، اكتسبوها من السياح.
مرت الأيام الخمسة كلمحة بصر، زرت عدن، ولم أتمكن من زيارة حضرموت ولا شبام، حيث العمارات الشامخة فوق الجبال والتي تشهد على أقوى الحضارات وأروعها. ولم أزر جزيرة سوقطرى التي تضم أجمل وأندر الزهور والطيور والأشجار، وعندما زرت الجزء المخصص لليمن في معرض برلين السياحي، كانت الرقصات اليمنية المميزة تستقطب الحضور وتشد الانتباه. بينما كانت الكتيبات التي توزع على الموجودين لا تشجع على السياحة في بلد يضم أكبر كمية من الآثار. تمنيت لو كانت هناك شاشة كبيرة تعرض مناظر طبيعية لبلد لديه كل مقومات السياحة، وتمنيت لو أنني أملك مطبوعة خاصة بي لأكتب أكثر عن البلد الذي بهرت بجماله وناسه وطعامه. أطلقو عليها اليمن السعيد لكثرة أمطارها، أما أنا فأعتقد أن سبب التسمية يعود إلى أن من يزورها يشعر بالسعادة.
إنتهى
المصدر
http://www.emi.co.ae/browse.asp?path...nnel=2&id=9364